سائل يقول: شخص أساء لي وتجاوز في حقي، فطلب مني بعض الناس العفو عنه ومسامحته، وأخبرني بأنه قد ورد في القرآن والسنة أن العفو عن المسيء سبيل للوصول إلى عفو الله تعالى، كما أنه يكسب صاحبه عزة. فما مدى صحة هذا الكلام؟
رواه أنس ابن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رُفِعَ إليهِ شيءٌ فيهِ قصاصٌ إلَّا أمرَ فيهِ بالعفوِ).
فقد كان رسول الله عندما كان يوكل إليه قضايا القصاص كان يحكم فيها بالعفو، ويطلب من صاحب القضية العفو والسماح من المذنب، وهذا ليس تضييع للحق، ولكن ذلك لإغلاق أبواب الشر بين الناس وكي تسود المحبة بينهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ). دليل على أن العبد الذي يعفو ويسامح عند قدرته على الانتقام سوف ينال الخير كله والعز والشرف في الدنيا أوو يمكن أنه سوف ينال الأجر في الآخرة.
غَّب الشرع الحنيف في العفو عن المسيء ومسامحته عند القدرة؛ فإن كانت المعاقبة هي جوهر العدل والإنصاف، فإن العفو هو قمة الفضل والإحسان، وهذا الخلق الكريم هو سمة من سمات وأخلاق الإسلام الذي دعا إليه ورغب فيه في مواضع متعددة؛ فقال تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيل﴾ [الحجر: 85]، وقال سبحانه: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: 89]، وقال سبحانه ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين﴾ [الشورى: 40].
حديث لطلب العفو من الله
_ روت عائشة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “ اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي“
_ قيل ذلك الحديث عندما سألت السيدة عائشة بماذا تدعو ليلة القدرة حتى تنال خير تلك الليلة فكان الإجابة عن سؤالها هو هذا الحديث الكريم، ويكون هذا الحديث دليل على أن الله تعالى يحب العفو وأنه من أهم ادعية ليلة القدر .
_ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (للَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في الدُّنيا والآخرةِ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في دِيني ودُنيايَ، وأهلي ومالي، اللَّهمَّ استُرْ عَوراتي، وآمِنْ رَوعاتِي، اللَّهمَّ احفَظْني من بينِ يديَّ، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فَوقِي، وأعوذُ بعظمتِكَ أن أُغْتَالَ مِن تحتي) .
_ كان النبي يطلب من الله المغفرة دائمًا وكان هذا الحديث يردده كثيرًا في الصباح والمساء كي يطلب من الرحمة والمغفرة والتجاوز عن السيئات وكان يدعو الله أن يحفظ له أهله وماله.
يشرح الدكتور علي جمعة كيفية الخشوع في الصلاة